للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ}: قيل: السفيهُ: العاقلُ البالغُ الذي بَلغ (١) غيرَ رشيدٍ؛ فهو (٢) مبذِّرٌ لماله مُضيِّع له بسفَهه، والضعيفُ: الصبيُّ، والذي لا يستطيع أنْ يُمِلَّ: المجنون.

وتفسير السفيه بهذا مذهبُ أبي يوسف رضي اللَّه عنه ومحمَّد والشافعيِّ رحمهم اللَّه؛ فإنَّهم يَرَون الحَجْرَ عليه؛ فيَبطل تصرُّفه ويقوم مقامه وليُّه، فأمَّا أبو حنيفة رحمه اللَّه فإنَّه لا يَرى الحَجْرَ عليه؛ فهو يفسِّر السفيهَ على ما فسَّره كثيرٌ مِن السَّلَف: أنَّه المجنون؛ لأنَّ السَّفهَ خفَّةُ العقل ونقصانٌ فيه، والمجنون فائتُ العقل أو مختلُّ العقل، والضعيف: الصبي، والذي لا يستطيع أنْ يُمِلَّ هو: الأخرسُ ونحو ذلك (٣).

وقوله تعالى: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ}؛ أي: فليَقُم مقامَه عند عجزه في الإملال وليُّه، ووحَّد الكناية (٤) مع سبق ذِكْر الثلاثة؛ لأنَّه أدخلَ بينهم كلمةً، أو فيكون في الحادثة الواحدة واحدٌ منهم، فأضيف الوليُّ إلى ذلك الواحد.

ثم بيَّن أن الكتابة لا تكفي، إنَّما يقع التوثيقُ بالإشهاد عليه، وذلك (٥):

قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}: أي: أَشهِدوا على الكتاب اثنينِ مِن ذكوركم، والاستشهاد (٦): طلبُ الشهادة وسؤالُها؛ فإنَّ سين الاستفعال للطلب والسؤال.


(١) في (أ): "يبلغ".
(٢) في (أ): "وهو".
(٣) في (أ): "هذا".
(٤) أي: الضمير، وتحرفت الكلمة في (ر) و (ف) إلى: "الكتابة".
(٥) في (ف): "عليه ذلك"، وفي (ر): "على ذلك".
(٦) في (ر) و (ف): "والاشهاد".