للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال آخر: {اصْبِرُوا} عند قيام النفير على احتمال الكُرَب {وَصَابِرُوا} على مقاساة العناء والتعب {وَرَابِطُوا} أعدائي بلا هرَب {وَاتَّقُوا} بهممكم عن الالتفات إلى (١) السبب {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} غدا بلقائي على بساط الطَّرب.

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: يقال {اصْبِرُوا} على الطاعات وعن المخالفات {وَصَابِرُوا} في ترك الهوى والشهوات، وقطع المنى والعلاقات {وَرَابِطُوا} بالاستقامة في الصحبة في عموم الحالات.

قال: ويقال: {اصْبِرُوا} بنفوسكم {وَصَابِرُوا} بقلوبكم {وَرَابِطُوا} بأسراركم.

قال: والصبر مرٌّ مذاقتُه إذا كان العبدُ يتحسَّاه على الغَيبة، وهو لذيذٌ طعمه إذا شربه على الشهود والرؤية {وَاتَّقُوا اللَّهَ} بمخالفة أهوائكم {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} الفلاح الظفر بالبغية، وهمةُ القومِ اليومَ الظَّفَرُ بنفوسهم، فإذا ظَفِروا بها ذبحوها بسيوف المجاهَدة، وصلَبوها على عيدان المكابَدة، وبعد فنائهم عنها يحصل بقاؤهم بالمشاهدة (٢).

قال رضي اللَّه عنه (٣): وفي فضل هذه السورة أحاديثُ:

روى ابن عباس رضي اللَّه عنهما عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "مَن قرأ سورة آل عمران أعطيَ بكلِّ آيةٍ منها أمانًا على جسرِ جهنم" (٤).


(١) في (ف): "على الإنفاق إلى"، وفي (ر): "على الإنفاق على".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٣٠٩).
(٣) "قال رضي اللَّه عنه" من (أ). والظاهر أن القائل هو المؤلف.
(٤) لم أجده بهذا اللفظ من حديث ابن عباس. ورواه الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٩ - ١٠) (ط: دار التفسير)، والواحدي في "الوسيط" (١/ ٤١١)، من حديث أبيٍّ رضي اللَّه عنه، وقال السيوطي في "نواهد الأبكار" (٣/ ١١٢ - ١١٣): هذا من الحديث الموضوع الذي روي عن أبي بن كعب في =