للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ونداء الحسرة: قال تعالى {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ} (١) [الزمر: ٥٦].

ونداء الاستغاثة: قال تعالى: {يَاوَيْلَنَا} (٢) {يَاوَيْلَتَنَا}.

قال (٣): وقد مر الكلام في اشتقاق (الناس) (٤) في سورة البقرة؛ أنه من الإيناس الذي هو الإبصار، أو من الاستئناس الذي هو الاستبشار، أو من النسيان الذي هو ضدُّ الادِّكار.

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه في كلِّ ذلك: يا مَن أظهرتُكم عن كتم العدم بحكم تكليفي، ثم خصَصْتُ مَن شئتُ منكم بتشريفي، وحرَمت مَن شئتُ منكم هدايتي وتعريفي، ونقلتُكم إلى ما شئتُ بحكم تصريفي.

وقال من الأنس: يا من أَنِسْتَ بحبِّي، واستَرْوحْتَ بنسيم قُرْبي، واعتَزَزْتَ بجلال قَدْري، أنت أجلُّ عبادي عندي.

وقال من النسيان: سميتُك إنسانًا لنسيانك، فإنْ نَسِيْتَني فلا أخسَّ منك، وإن نسيتَ غيري لذكري فلا أخصَّ منك.

وهذا الخطاب يتفاوت، فهو إذا كان للمذنب فمعناه: يا مَن نسيتَ عهدي، ورفَضْتَ ودِّي، وتجاوَزْتَ حَدِّي، آن لك أن ترجع إلى بابي لتَستحِقَّ لطفي وإيجابي.

وهو إذا كان للعارف فمعناه: يا مَن نسيتَ فينا حظَّك، وصُنتَ عن غيرنا لَحْظَك ولفظك، لقد عظُم علينا حقُّك، ووجب لدينا نصرُك، وجَلَّ لدينا قَدْرُك (٥).


(١) "على ما فرطت" من (أ).
(٢) في (ف): "ويلتا".
(٣) "قال" من (أ)، وواضح أن القائل هو المؤلف.
(٤) في (ر) و (ف): "اشتقاقه".
(٥) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٣١١ - ٣١٢).