للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {اتَّقُوا رَبَّكُمُ} مرَّ تفسيره والكلامُ في وجوهه وفوائده.

وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: التقوى أولُها تركُ الشرك، وآخرُها الاتِّقاء (١) عن كلِّ غيرٍ، وأولُ أغيارِك نفسُك، فمَن اتَّقى نفسَه وقف بلا مقامٍ ولا شهودِ حال، منفردًا (٢) للَّه ذي الجلال والإكرام (٣).

وقال الواسطيُّ رحمه اللَّه: تقوى العامَّة من الشرك، وتقوى الخاصَّة من المعاصي، وتقوى خاصَّة الخاصَّة من التوصُّل بالأفعال.

وقال الضحاك: أي: وحِّدوا ربَّكم.

وقال الكلبي: أي: أطيعوا خالقكم.

وقوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَكُمْ}: أي: قدَّر خَلْقَكم حالًا بعد حالٍ على اختلافِ صوركم وألوانكم.

وقوله تعالى: {مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}:

قال الإمام القشيري رحمه اللَّه: تَعرَّفَ إلى العقلاء بكمال القدرة وتمامِ الحكمة، حيث خلَق جميع هذا الخلقِ من نسلِ شخصٍ واحد، على اختلافِ همَمهم، وتبايُن أخلاقهم، وتفاوُت صورهم، فإن (٤) اثنين منهم لا يتشابهان بكلِّ وجهٍ من (٥) الصورة والخُلق والهمَّة والحالة، فسبحان مَن لا حدَّ (٦) لمقدوراته ولا غايةَ لمعلوماته.


(١) في (ف): "الإنقاء".
(٢) في (أ): "متفردًا".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٣١٢).
(٤) في (ف) و (أ): "وإن".
(٥) في (أ): "في".
(٦) في (ف) و (ر): "مدا"، وفي (أ): "مدى"، والمثبت من "اللطائف".