للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٤٣) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}.

وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} وانتظامُها بقوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ}، والصَّلاةُ رأسُ العبادات بعدَ الإيمان.

ومعناه: لا تدنوا إلى مواضعِ الصَّلاة -وهي المساجدُ- حالةَ السُّكرِ، فذكرَ الصَّلاةَ، وأرادَ بها مواضعَها، كما في قوله: {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ}، وهو قولُ عمر وابن مسعود (١)، ودليلُ هذا الإضمار أنَّه عطفَ عليه: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ}، وهو نهيُ الجُنب عن قُربان المساجدِ، فإنَّه استثنى {عَابِرِي سَبِيلٍ}، وذلكَ في حقِّ المساجدِ دون أعيان الصلوات (٢)، ثمَّ النَّهيُ عن قربانِ المساجدِ حالةَ السُّكرِ نهيٌ عن الصَّلاة في تلك الحالة أيضًا؛ لأنَّ النهيَ عن قُربان المساجدِ لحرمة الصَّلاة، فكان النهيُ عن هذا نهيًا عن ذلك، ثمَّ النَّهيُ ليس عن عين الصَّلاة، فإنَّها عبادةٌ، فلا (٣) ينهى عنها، بل هو نهيٌ عن اكتساب السُّكْرِ الذي يَعجزُ به عن الصلاة على الوجهِ. قاله الإمام أبو منصور رحمه اللَّه.

قال: وكذلك قولُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاة للعبدِ الآبقِ، ولا للمرأة الناشزةِ" (٤)،


(١) ذكره الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (٣/ ١٨٧) عن ابن مسعود رضي اللَّه عنه.
(٢) في (أ): "الصلاة".
(٣) في (أ): "لا".
(٤) كذا أورده أبو منصور الماتريدي بهذا اللفظ، وروى الترمذي في "سننه" من حديث أبي أمامة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم؛ العبد الآبق حتى =