للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ليس فيه النَّهيُ عن الصَّلاة، لكنَّ النهيَ عن الإباق والنُّشوز، وهذا لأنَّ الإباقَ والنُّشوزَ والسُّكْرَ ليست بالتي تَعملُ في إسقاط الفرض.

قال: وفي الآية دلالةٌ (١) أنَّ السَّكرانَ مخاطَبٌ؛ فإنَّه قال: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}، وإذا كان مخاطبًا، عَمِلَ طلاقُه، ونَفذتْ عقودُه (٢).

وقوله: {وَأَنْتُمْ سُكَارَى} الواو للحال، والسُّكارى جمعُ السَّكران، كالكُسالى جمع الكسلان، والسُّكر من باب عَلِمَ، وهو انسدادُ طرقِ المعرفة مِن الشُّرب وغيره، مأخوذٌ من سَكْرِ الماء، وهو سدُّ مجراه، من باب دخل، ومنه قوله تعالى: {إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} [الحجر: ١٥]؛ أي: سُدَّت ومُنِعَتِ النَّظر، وسكراتُ الموت أُخِذَت منه، وقولُه تعالى: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} [الحج: ٢] هو تشبيهٌ بحالِ السُّكرِ مِن الشَّراب.

وأكثرُ المفسِّرين على أنَّ هذا مِن سُكْرِ الشَّراب.

وقال الضَّحَّاك: معناه: وأنتم سُكارى مِن النَّوم (٣)، وهو كقول النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا نَعَسَ أحدُكم في صلاتِه فلينصرف وليرقد، فإنَّه لا يَدري لعلَّه يستغفرُ (٤)، فيسبُّ نفسه" (٥).


= يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون" قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
(١) بعدها في (ر) و (ف): "على".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٣/ ١٨٨ - ١٨٩).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٧/ ٤٨)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٩٥٩) (٥٣٥٦).
(٤) بعدها في (ر) و (ف): "ربه".
(٥) رواه البخاري في "صحيحه" (٢١٢)، ومسلم في "صحيحه" (٧٨٦) من حديث عائشة رضي اللَّه عنها.