للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} كرَّرَ المنَّة بهذا؛ تأكيدًا.

وقيل: الأوَّلُ بيانُ الحكم، وهذا بيانُ المنَّةِ، {الْيَوْمَ} بمعنى الآن حين أكملتُ لكم الدِّينَ، وأتممتُ عليكم النِّعمةَ.

وقيل: هو يوم نزولِ هذه الآية.

وقيل: هو إشارةٌ إلى عصرِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتُذكَرُ هذه اللَّفظة لحالةٍ دائمة، يقال: لا يصلحُ اليومَ منِّي هذا الأمرُ، ولا يَقدِرُ أحدٌ أنْ يَظلِمَ اليوم.

وقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}؛ أي: ذبائحُهم، قيَّدناهُ به؛ لأنَّ سائرَ الأطعمةِ لا يَختصُّ حِلُّها بالملَّة.

وقوله تعالى: {وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ}؛ أي: بالبيع والهبةِ والإباحةِ ونحوِها.

وقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ}؛ أي: أُحِلَّ لكم العفائفُ بالنِّكاح، وليس هذا لاشتراط صحَّةِ النِّكاح، بل للاستحباب.

وقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}؛ أي: العفائفُ مِن الكتابيَّات، ويَستوي فيه الحرائرُ والإماء، وهذا عندنا (١)، وقال الشافعيُّ رحمه اللَّه: لا يجوزُ نكاحُ الأمة الكتابيَّة (٢)، وتُحمَلُ المحصنات هاهنا على الحرائر، وعامَّةُ أهلِ التَّفسير على ما قلنا أنَّ المحصنات هاهنا العفائف، والاسمُ يَشملُ الحرائرَ والإماء، وقد بيَّنَّا وجوهَ الإحصانِ في سورةِ النِّساء.


(١) انظر: "المبسوط" للسرخسي (٥/ ١١٠).
(٢) انظر: "الأم" للشافعي (٦/ ٢١)، و"روضة الطالبين" للنووي (٧/ ١٣٢).