للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المحدود؛ كما في قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧]، وعندنا يَجِبُ غَسلُها؛ لأنَّ اليدَ اسمٌ لها إلى الإبط، فكان التحديدُ بالمرافق إخراجًا لما ورائها، لا تبليغًا إليها، فبَقيَت في الغَسل.

وقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} والمسحُ إمساسُ الماء دون التَّسييل، ثم عند مالكٍ يُفترض مسحُ كلِّ الرأس (١)؛ لأنَّه أطلقَ ذكرَها، فصار كإطلاق ذِكر (٢) الوجوه.

وقلنا: لم يقل: فامسحوا رؤوسَكم، بل قرنَه بالباء، وهو للتَّبعيض، يقال: مسحتُ يدي بالمنديلِ، وبالحائط، ويقال: أخذتُ بالزِّمام، ولو قيل: أخذتُ الزِّمام، كان ذلك دليلًا على الكلِّ.

ثم يقولُ الشافعيُّ: إذا مسحَ ثلاث شعرَات منه كفى؛ لأنَّه بعض (٣).

وقلنا: أمرَ اللَّه تعالى به قصدًا، فلا يَتقدَّر بما يَحصُل (٤) مِن غير قصدٍ، فقدَّرناهُ بثلاث أصابع مِن اليد (٥)؛ لأنَّها هي آلةُ المسح، والثلاثُ أكثرُها، وللأكثرِ حكمُ الكلِّ.

وفي رواية عن أصحابنا: هو مقدَّرٌ بالرُّبع؛ لأنَّه يُحكَى عن الكمال، يقول الرجل: رأيتُ فلانًا، وإنَّما رأى جانبًا منه، وهو ربعه.


(١) انظر: "القوانين الفقهية" (ص ٨٤).
(٢) في (ف): "كل".
(٣) هو قول أبي العباس بن القاص من الشافعية، والمشهور من مذهب الشافعية أن لا يتقدر وجوبه بشيء، بل يكفي فيه ما يمكن، حتى لو مسح بعض شعرة واحدة أجزأه. انظر: "المجموع" للنووي (١/ ٣٩٨).
(٤) في (ف): "يتحصل".
(٥) انظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ٦٣).