للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ} قرأ نافعٌ والكسائيُّ وعاصمٌ في رواية حفص بالنصب (١) عطفًا على قوله: {وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ}، فيَدلُّ على فرضيَّةِ غسلِها.

وقرأ (٢) الباقون بالخفضِ، وهو في الظاهر عطفٌ على "برؤوسكم"، فتعلَّق القائلون بأنَّ وظيفتَها المسحُ مِن الرَّوافضِ بظاهرِها، لكنَّا نَقول: خفضُه على الجوار، كما في قول العرب: جحرُ ضبٍّ خَرِبٍ، وماءُ شنٍّ باردٍ، وفي القرآن: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ} إلى قوله: {وَحُورٍ عِينٍ} الخفض (٣)، وهنَّ لا يُطافُ بهنّ، لكن خفضُها على الجوار، وهو كقول امرئ القيس:

كبيرُ أناسٍ في بِجادٍ (٤) مُزَمَّل (٥)

ولأنَّها محمولةٌ على حال لبسِ الخفَّين، ووظيفتُهما المسحُ في هذه الحالة بهذهِ القراءة، والغَسلُ في حالِ كونهما باديتين بتلك القراءة، والغَسلُ هو المذكورُ في الأحاديثِ المشهورة، وعليه عملُ كلِّ الأُمَّة.


(١) وهي قراءة ابن عامر أيضًا من السبعة. انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٢٤٢)، و"التيسير" للداني (ص: ٩٨).
(٢) "قرأ": زيادة من (أ) و (ف).
(٣) هي بالكسر قراءة حمزة والكسائي. انظر: "السبعة" (ص: ٦٢٢)، و"التيسير" (ص: ٢٠٧).
(٤) في هامش (ف): "البجاد كساء مخطط".
(٥) "ديوان امرئ القيس" (ص: ٢٥)، وصدره:
كأن أبانًا في أفانين ودْقِهِ
وأبان: اسم جبل، وأفانين: ضروب، والودق: المطر. انظر: "شرح القصائد العشر" للتبريزي (ص: ٥٢). قال شارح "الديوان": شبَّه الجبل حين غشيهُ المطر وعمه الخصب بشيخٍ ضعيفٍ في بجاد، والبجاد: الكساء المخطَّط، وخص الشيخ؛ لأنَّه متدثر أبدًا، متزمل في ثيابه.