لكن عند بعضِهم كان هذا في التيه، وكان ذلك بعد هذا الأمرِ بالجهاد، فهو على سائر ما أوتوهُ مِن الآياتِ وأنواع الكرامات.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: أمر اللَّهُ بني إسرائيلَ على لسان نبيِّه أنْ يَذكروا نعمَة اللَّه، وأمر هذه الأمة بخطابِ نفسِه، لا على لسان مخلوق؛ بأنْ يَذكروهُ، فقال تعالى:{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}[البقرة: ١٥٢]، ثمَّ جعلَ جزاءَ أولئك ثوابَه الذي هو فعلُه، وجعلَ جزاء هؤلاء ذكرَه الذي هو قولُه.
وقال في قوله:{وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} الملِكُ مِن المخلوقين: مَن عبدَ اللَّهَ الملِكَ الحقيقيَّ. وقال: الملكُ: مَن مَلَك هواهُ، والمملوكُ مَن هو في رِقِّ شهواتِه ومُناه.
قال: ويقال: {وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} لم يُحوِجكُم إلى أمثالِكم، ولم يَحجبكُم عن نفسِه بأشغالِكم، وسهَّل سبيلَكُم إليه في عمومِ أحوالِكم.
وقال في قوله:{وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ}: لئن آتى بني إسرائيلَ بمقتضى جودِه، فقد أغنى عن الإيتاء هذه الأمة فاكتفوا بوجوده، والاكتفاء بوجوده أتم من الاستغناء بمقتضى جوده (١).