للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الحسنُ رحمه اللَّه: معناه: {سَمَّاعُونَ} منك ليَكذِبوا عليك (١).

وقوله تعالى: {سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ}؛ أي: يَسمعون منك ليُخبِروا مَن لم يَأتِك، والسَّمَّاعون: هم كبارُ اليهود، والذين لم يَأتوك هم عوامُّهم الذين اشتَغلوا بمعايشِهم، يعني: يَنقُلون عنك إليهم (٢) غيرَ ما قلت، يَحتالون بذلك للتَّحريف، وكانوا يُفتونهم (٣) بآرائِهم، ويُروِّجون ذلك بقولهم: نأتي محمَّدًا فنسمعُه يقولُ كذلك، وهو حكمُ اللَّه في كتابنا وكتابهم، يقول: إنَّ عوامَّهم لا يأتونَك فيعرفوا أحكامَ الإسلام.

وقيل: معنى قوله: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ}؛ أي: قابلونَ لكذب أحبارهم في أخبارهم، قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} [الأنفال: ٢١]؛ أي: قالوا: قبلنا، وهم لا يقبلون.

وقوله: {سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ}؛ أي: جواسيسُ يَأتونك فيتجسَّسون، ثمَّ يَر جِعون فيُخبِرون، وهو كقوله: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [التوبة: ٤٧].

وقوله تعالى: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ}؛ أي: مِن بعد إنزالِ اللَّهِ تلك مذكورةً في مواضعها، {الْكَلِمَ} جمعٌ على صيغةِ الواحد، فجَمَعَ المواضعَ، ووحَّد الكنايةَ في آخرِها لذلك.

وقوله تعالى: {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ}؛ أي: يقولُ أحبارُهم لعوامِّهم: إنْ حَكَمَ لكم محمَّدٌ بما أخبرَنا أنَّه في كتابِنا فاقْبَلوه.


(١) انظر قول الحسن في "النكت والعيون" للماوردي (٢/ ٣٨)، وزاد نسبته للزجاج، وهو في "معاني القرآن" له (٢/ ١٧٤).
(٢) بعدها في (ر): "اليهود".
(٣) في (ف): "يفتنونهم".