للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحديث: "يخرجُ رجلٌ مِن النَّارِ قد ذهبَ حِبْرُهُ وسِبْرُهُ" (١)؛ أي: جماله وهيئته (٢).

وقوله تعالى: {بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ} قيل: الباء (٣) صلةُ "الأحبار"؛ أي: العلماءُ المحسنون بسبب حفظِ الكتاب.

وقيل: الباء صلة {يَحْكُمُ}؛ أي: يَحكمون بالتَّوراة بسبب استحفاظِهمُ الكتابَ.

وسينُ الاستفعالِ للطَّلب والسُّؤال، والحفظُ يكونُ عن النِّسيان، ويكونُ عن التَّضييعِ، وقد أُخِذَ عليهم الأمران جميعًا؛ أنْ يَحفظوها فلا يَنسَوها، ويُراعوا حقَّها (٤) فلا يُضيِّعوها، فالحكمُ الذي يَحكُمُ به هؤلاء هو الرَّجمُ في الزِّنى، والقِصاصُ في قتلِ العمد، وغير ذلك، وقد ذُكر هذان الأمران قبلها وبعدها.

قوله تعالى: {وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ}؛ أي: كان هؤلاء جميعًا شهودًا على أنَّه كتابُ اللَّه وحكمُه، وأمرُه ونهيُه.

وقوله تعالى: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا} ولمَّا كان الاستحفاظُ لِئلَّا يُحرِّفوا، وكان التَّحريفُ لأمرين؛ لخوفِ الكِبار، وطمعِ العوام، سدَّ عليهم البابين فقال: لا تَخشوا كبارَ القومِ واخشون (٥)، ولا تَستبدلوا بأحكامِ دِيني عرضَ الدُّنيا.


(١) أورده أبو عبيد في "غريب الحديث" (١/ ٢٢٠)، وقال: وفي هذا الحديث اختلاف، وبعضهم يرفعه وبعضهم لا يرفعه، يقول: عن مطرف بن عبد اللَّه بن الشخير. اهـ. وأخرج الطبري في "تفسيره" (١٩/ ٥٤٨) عن مطرف بن عبد اللَّه، في قوله: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} [الصافات: ٥٥] قال: "واللَّه لولا أنه عرفه ما عرفه، لقد غيرت النار حبره وسبره".
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ٧٠).
(٣) بعدها في (ف): "كونه".
(٤) في (ف): "حفظها".
(٥) بعدها في (ر): "ولا تشتروا".