للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بمعنى البَطير، وأبدلت الهمزة بالهاء لتقاربهما، كما في قولهم: أرقتُ الماءَ وهَرَقْتُه، وإيَّاك وهيَّاك، وأيهات وهيهات (١).

وقيل: حفيظًا.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: قال أبو عوسجة: مسلَّطًا (٢).

وقال الأصم: هي كلمةٌ مأخوذةٌ مِن كتُبهم، غيرُ مأخوذةٍ مِن لسان العرب؛ ليَعلموا أنَّه إنَّما عرف باللَّه لا أنَّه استخرجَه بلسانه.

ومعنى الكلِّ أن يُؤدِي ما في الكتبِ المتقدِّمة على وجهه وحقيقتِه، مِن غيرِ زيادةٍ ولا نقصان في المعنى، ويُخبِرُ عن تحريف أهل الكتاب وخيانتِهم فيها، ومعنى تصديقِه الكتبَ موافقتُها في التوحيد والعبادة، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٢٥]، ذكر إنزالَ التَّوراة على موسى، ثمَّ إنزالَ الإنجيلِ على عيسى، ثمَّ إنزالَ القرآنِ على محمَّدٍ صلواتُ اللَّه عليهم، وبيَّن أنَّه ليس للسَّماع فحسب، بل للحكم به، فقال في الأولى: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ}، وقال في الثَّانية: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ}، وقال في الثَّالثة: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}.

وقوله تعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (٣)؛ أي: بالرَّجمِ على المحصَن، وبالتَّسوية في القِصاص بين القرظي والنَّضيري (٤).

قوله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ}؛ أي: في تركِ القَوَد، وإعطاءِ الدِّيةِ، وتركِ


(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ١٨٠).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٣/ ٥٣٤).
(٣) قوله: "وقوله تعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} " ليس في (ف).
(٤) بعدها في (ف): "وقوله تعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} قد تقدم الكلام عليه".