للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تَخْتَلِفُونَ} وهو وعدٌ ووعيد؛ أي: كنتم مختلفين، فكان بعضُكم يُضيفُ شيئًا إلى اللَّه أنَّه شَرعَهُ، وينفيه آخر، فأُثيبُ منكم المحقَّ على حقِّه، وأجزي المبطِلَ جزاءَ مثله.

وقال الإمام القشيري: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} أي: أفردنا (١) كلَّ واحدٍ منكم معاشرَ الأنبياء بطريقةٍ، وأما أنت يا محمَّدُ، فلا يُدانيكَ أحدٌ في طريقتِك على الحقيقة، فأنت المقدَّمُ على الكافَّةِ، والمفضلُ على الجملة، ولو شاءَ اللَّه لسوَّى مراتبَكم، ولكن غاير بينكم ابتلاءً، وفضَّلَ بعضَكم على بعضٍ امتحانًا.

وقوله تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}؛ أي: سارعوا إلى الطَّاعات، ومسارعةُ كلِّ أحدٍ على ما يَليقُ بوقتِهِ، فالعابدون يُسارِعون بقدمِهم من حيث الأوراد، والعارفون بهمَمِهم (٢) مِن حيثُ المواجيد.

قال: ويقال: استباقُ الزَّاهدين برفضِ الدُّنيا، واستباقُ العابدين بقطعِ الهوى، واستباقُ العارفين بنفي المُنى، واستباق الموحَّدين بتركِ الورى، واستباقُ المقرَّبين بنسيانِ الدُّنيا والعُقبى (٣).

* * *

(٤٩) - {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}.


(١) بعدها في (ف): "بقوله".
(٢) في (ر): "بفهمهم"، و (ف): "بهمهم".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٢٨).