للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والرَّحمة (١)، وتخصيصِ الأعداءِ بالطَّرد واللَّعنة، فالصُّورةُ الإنسانيَّةُ جامعةٌ (٢) لهم، والقسمةُ الأزليَّةُ فاصلةٌ بينهم (٣).

* * *

(١٤٨) - {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ}.

وقوله تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}؛ أي: يَتعلَّقون بمثلِ هذا الكلام في تكذيبِك، وثبوتِهم على شركِهم، وتحريمِهم ما لم يُحرِّمهُ اللَّه.

وقوله تعالى: {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}؛ أي: كتكذيبهم إيَّاك كان تكذيبُ المتقدِّمينَ رسلَهم، وتعلُّقُهم بمثلِ هذا، فلم يَنفعهم ذلك، إذ لم (٤) يَقولوا ذلك عن اعتقادٍ (٥)، بل قالوه استهزاءً.

وقوله تعالى: {حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا}؛ أي: لاقوا عذابَنا، فالكلامُ حقٌّ، لكن قالوه استهزاءً فذُمُّوا به لذلك، وهو كقوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} [يس: ٤٧]، وكقوله: {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: ١]، فالقولان حقَّان، لكن لم يقولوا ذلك عن اعتقادٍ، فرُدَّ عليهم ذلك،


(١) في (أ) "بالرحمة" بدل: "بالكرامة والرحمة".
(٢) في (أ): "حاصلة".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٥٠٩).
(٤) في (ر): "ولم"، وفي (ف): "وإذا لم".
(٥) بعدها في (ف): "بك".