للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أظهرَ (١) للناس وجهه وفرَّق فيهم خزائنه، ثم حشرهم عمران إلى فرعون وهو يُسِرُّ في نفسه ما عَلم مما كان منه مع امرأته.

فلما دخلوا على فرعون ورآهم على تلك الصفة (٢)، وقد جعلوا الرماد والتراب على رؤوسهم، قال: ويلكم ما لكم؟ فخرُّوا له سجَّدًا وقالوا: يا سيدنا، عشتَ دهرَ الداهرِين، قد غلَب مكرُ عدوِّنا مكرَنا، وحُمل بذلك المولود البارحةَ، وطلَع نجمه في السماء، فقال: قد استوجبتُم عقوبتي، ولأصلِّبنكم أجمعين، ولأحرقنَّكم بالنار، غرَرْتُموني -وقال كما قال عمران-، فقالوا: لا تقتلنا، فإن غلبَنا حملُه لا يغلبنا مولدُه، نعرفه بعلامته فنقتلُه، فإنْ فعلْنا ذلك وإلا فاصْلِبنا وأحرقنا. فأَنْظَرَهم إلى مولد موسى، فلم تأت عليه شهور (٣) أطولُ ولا أكثرُ حزنًا منها.

فلمَّا وُلد وأَبصر المنجِّمون إلى (٤) كوكبه يزهر قالوا له: قد وُلد، فلما سمع ذلك طارت روحه وتغيَّر لونُه وطاش عقله، وقال: ما الحيلة؟ قالوا: مُرْ مِنبرَك حتى يُخرج إلى ذلك الموضع، ثم مُرْ مناديك ألا تبقى امرأة من بني إسرائيل ولدت ولدًا منذ شهرٍ إلا جاءت به إلى الملك، فإنه يريد أن يُكرمهنَّ كما أكرم أزواجهنَّ، ويعطيَهنَّ الحليَّ والحلَلَ والذهبَ والفضَّةَ والجواهر، فإنهنَّ يطمعن ويخرجن، فإذا جئنَك بأولادهنَّ فأعطهنَّ شيئًا (٥) وليِّن لهنَّ القول، ثم اجعَلْهنَّ في بعض مدائنك، ثم مُرْهنَّ فلتَخرجِ امرأةً امرأةً، فانتزعْ منها ما أعطيتَها ومُر أن يؤخَذ ولدُها، فإن كان ذكرًا ذُبح، فإذا فعلتَ ذلك ظَفِرْتَ بعدوِّك ورجع إليك مالُك.


(١) في (ف) "ظهر".
(٢) في (ف): "الحالة".
(٣) في (أ): "عليه أشهر"، وفي (ف): "عليهم أشهر".
(٤) "إلى": من (أ) و (ف).
(٥) "فأعطهن شيئًا": ليس في (أ)، و"شيئًا": ليس في (ف).