للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٧٢) - {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}.

وقوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ} تقديرُها: وإذ أخذ ربك من ظهور بني آدم، وما رَويناه أنه أخذ من ظهر آدم، فالتوفيق بينهما: أن الأخذ من ظهر آدم: أنَّ اللَّه أخرج ذرية آدم بعضَهم من بعضٍ إلى آخَر الدنيا على ما يتوالدون، فكان ذلك أخذًا من ظهره، وكان ذلك في أدنى مدةٍ كما يكون في موت الكلِّ بالنفخ في الصور وحياةِ الكل بالنفخة الثانية، وكما في تعليم أسماء الأشياءِ لآدم: وما ذكر في الحديث: "مسَح اللَّه ظهره (١) بيده" فهو مسحُ ملَكٍ بأمره.

وعلى هذا ما روي: "خلقَ اللَّهُ تعالى جنةَ عدن بيده" (٢) و"غرس شجرةَ طوبى بيده" (٣) وهو كما يقال: ضرب الأمير فلانًا؛ أي: ضربه ضاربٌ بأمره.

وقوله تعالى: {ذُرِّيَّتَهُمْ}: أي: ذريةَ بني آدم، وهم ذريةُ آدم.

قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما وأبي بن كعب: فجعلهم سامعينَ ناطقينَ عقلاءَ مختارين، فإنه أَشهدهم ولا يصحُّ الإشهاد إلا على الموصوفِين بهذه الصفات، ولأنه خاطبهم فدلَّ على سماعهم، وأجابوا فدل على كلامهم، وقالوا: {شَهِدْنَا} فدل على علمهم وعقلهم، وقال: {أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} فدلَّ على اختيارهم (٤)، وليس


(١) في (أ) و (ف): "ظهر آدم".
(٢) رواه الطبراني في "الأوسط" (٥٥١٨) و"الكبير" (١٢٧٢٣) من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وجوَّد إسناده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٣٩٧). ورواه الحاكم في "المستدرك" (٣٤٨٠) من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-.
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٥٢٨) من حديث معاوية بن قرة عن أبيه مرفوعًا، وإسناده ضعيف جدًا.
(٤) روى معناه عن ابن عباس وأبيٍّ الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٥٥٦ - ٥٥٧).