للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٧٦) - {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}.

وقال في قوله: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا}: لو ساعدته المشيئة بالسعادة الأزلية لم تَلحقه الشقاوةُ الأبدية، ولكن مَن قصَمَتْه السوابق لم تُنعشه اللواحق.

وقال في قوله: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ}: إذا كانت مساكنةُ آدم الجنةَ وطمعُه في الخلود فيها أوجب خروجَه عنها، فالرُّكون إلى الدنيا متى يُوجب البقاء فيها (١)؟

هذا كلُّه تمشية مَن قال: إنها في بلعم.

وقال عبد اللَّه بن عمرو بن العاص وسعيد بن المسيِّب وزيدُ بن أسلم وأبو روقٍ: إنها نزلت في أمية بن أبي الصَّلْت (٢).

وكان ابتداء أمره أنه كان قد قرأ الكتب، وعلِم أن اللَّه يُرسل رسولًا في ذلك الوقت، وظن أنه يكون ذلك الرسولَ، فلما أُرسل إلى محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- حسَده، وكان قصَد بعضَ الملوك، فلما رجع مرَّ على قتلى بدر فسأل عنهم فقيل: قتلهم محمد، فقال: لو كان نبيًّا ما قتل أقرباءه، فلما مات أميةُ فأتت أختُه فارعةُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فسألها عن وفاة أخيها فقالت: بينا هو راقد أتاه آتيان (٣) فقعد أحدهما عند رجليه والآخر


(١) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٨٧).
(٢) انظر: "تفسير البغوي" (٣/ ٣٠٣). ورواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٩٥٨)، والطبري في "تفسيره" (١٠/ ٥٧٠)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٥/ ١٦١٦).
(٣) في (ف): "اثنان".