وقوله تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}: أي: لا تتولَّوا الكفار فليسوا بأوليائكم بل بعضُهم أولياء بعضٍ، وليس معناه أنه يلزمُهم أن يتولَّى بعضُهم بعضًا كما في المسلمين، لكنْ أريد به نفيُ الولاية بين الكفار والمسلمين.
وقوله تعالى:{إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}: (إلا) كلمتان: (إنْ) التي هي للشرط و (لا) التي هي للنفي، وحذفت النون في آخر الفعل للجزم بالشرط.
وقيل: هو متصل بقوله: {فَعَلَيْكُمُ النَّصْر. . . إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: كفرٌ {وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}: تسافُكُ دماءٍ؛ لأن ترك التناصُر في الدِّين يُورث ذلك.
وقيل: هو مقرَّر في موضعه، ويرجع إلى كلِّ ما سبق ذكرُه، ومعناه: إن خالفتُم ما أمَرناكم به من التولِّي للمؤمنين والتبرِّي من الكافرين، ظهر الكفر وتركُ العمل بالشرائع والتهارُجُ وفسادُ الدِّين والدنيا.
وقال عبد الرحمن بن زيد: كان المهاجر المؤمنُ والمؤمنُ الذي لم يهاجر لا يتوارثان وإن كانا أخوين مؤمنين، فلما كان يوم فتح مكةَ وانقطعت الهجرة توارَثوا حيثما كانوا بالأرحام، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا هجرة بعد الفتح" وقرأ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}(١).