للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صفة محمد ونعته (١) للخلق، ونقضوا العهود التي بينهم وبين رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يحفظوها، فكيف يستحقُّون أن يعطَوا عهدًا مع هذا، إلا أن اللَّه عز وجل بفضله أَذِن أن يُعطَوا العهود، وما استقاموا لكم بالوفاء بالعهد فاستقيموا لهم بذلك (٢).

وقال القشيري رحمه اللَّه: كيف يكون المفلسُ في عرفانه كالمخلِص في إيمانه؟ وكيف يكون المحجوبُ عن شهوده كالمستهلَك في وجوده؟ {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ}: إن تمسكوا بحبل وفائنا أحلَلْناهم في ظلِّ ولائنا، وإن زاغوا عن عهدنا ابتليناهم بصَدِّنا، ثم لم يَبرحوا على بُعْدنا (٣).

وقوله تعالى: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ}: فيه إضمارٌ؛ أي: كيف يكونُ لهم عهدٌ وهم إنْ يَظفروا بكم ويغلِبوكم، وهو كقوله عز وجل: {فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} [الصف: ١٤].

وقوله تعالى: {لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ}: أي: لا يحفظوا {إِلًّا وَلَا ذِمَّةً} قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: الإلُّ: القرابة، والذمَّة: العهد (٤).

وقال عبد الرحمن بن زيد: كلاهما العهد (٥).

وقال مجاهد: الإلُّ القرابة، والذمة الميثاق (٦).


(١) في (ر) و (ف): "وبعثه"، والمثبت من (أ) و"اللطائف".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٣٠٤).
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ١٠)، وفيه: "ثم لم يربحوا في بعدنا"، وفي (أ): "ثم لم يربحوا على بعدنا".
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٣٥٥ - ٣٥٦).
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٣٥٧).
(٦) لم أجده عن مجاهد، ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٧٥٨) عن السدي بلفظ: {إِلًّا وَلَا ذِمَّةً}: عَهْدًا ولا قرابةً ولا ميثاقًا.