للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم قوله: {مَسَاجِدَ اللَّهِ} يجوز أن يكون المرادُ به حقيقةَ الجمع؛ أي: في كلِّ المساجد الحُكمُ هذا.

وقال الحسن: هو المسجد الحرام، وإنما جُمع لأنه قبلةُ المساجد كلِّها وإمامُها، يقول: ما كان للمشركين أن يُتركوا فيكونوا من أهل المسجد الحرام (١)، وطريقه طريق قولهم: خرج فلانٌ إلى الحج على البغال، أو: على الإبل، ويراد به الجنسُ لا الجمع.

قال ابن إسحاق: وقالت قريش: إنَّا أهل الحرم وسُقاة الحجيج وعمَّار هذا البيت، لا أحد أفضل منا، فقال اللَّه جلَّ جلالُه ذلك (٢).

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: لمَّا أُسر العباس يومَ بدرٍ أقبل عليه المسلمون فعيَّروه بكفره باللَّه تعالى وقطيعةِ الرَّحِم، وأغلَظَ عليٌّ للعباس القولَ، فقال العباس: ما لكم تذكرون مساوئنا ولا تذكرون محاسننا؟! فقال له عليٌّ رضي اللَّه عنه: ألكُم محاسنُ؟ قال: نعم، إنَّا لنَعْمُر المسجدَ الحرام، ونَحجب الكعبة، ونسقي الحاجَّ، ونَفُكُّ العانيَ، فأنزل اللَّه جلَّ جلاله ردًّا على العباس: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ} إلى قوله: {الْفَائِزُونَ} (٣).


= الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٨)، والواحدي في "البسيط" (١٠/ ٣٣١)، والبغوي في "تفسيره" (٤/ ٢٠).
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٨)، والواحدي في "البسيط" (١٠/ ٣٢٩)، والبغوي في "تفسيره" (٤/ ٢٠).
(٢) انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٥٤٧).
(٣) ذكره بهذا اللفظ الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٨)، والواحدي في "البسيط" (١٠/ ٣٢٨) وفي "أسباب النزول" (ص: ٢٤٣)، والبغوي في "تفسيره" (٤/ ١٩). ورواه بنحوه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٣٧٨)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٧٦٨)، ولم يذكرا فيه عليًّا.