للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المسجدَ فاشهَدوا له بالإيمان، قال اللَّه تعالى في كتابه: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} (١).

وقال القشيري رحمه اللَّه: عمارة المساجد التي هي مواقفُ العبودية لا تتأتى إلا بتخريبِ أوطان البشرية، فالعارفُ يَعمُر المسجد بتخريبِ أوطان شهوته، والزاهد يَعمره بتخريب أوطان مُنْيته، والعارف يَعمره بتخريب أوطان علاقته، والموحِّد يَعمره بتخريب أوطان ملاحظته، ولكلٍّ منهم صنفٌ مخصوص (٢)، وكذلك رتبتُهم في الإيمان مختلفة، فإيمانٌ من حيث البرهان، وإيمانٌ من حيث البيان، وإيمانٌ من حيث العِيان، وشتَّان ما هم (٣).

* * *

(١٩) - {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.

وقوله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}: الحاجُّ أريد به الجمعُ لأنه جنس (٤)، وتقدير الآية: أجعلتُم


(١) رواه الترمذي (٢٦١٧) و (٣٠٩٣) وحسنه، وابن ماجه (٨٠٢)، وابن خزيمة في "صحيحه" (١٥٠٢)، وابن حبان في "صحيحه" (١٧٢١)، والحاكم في "المستدرك" (٧٧٠) وصححه، وهو من طريق دراج بن سمعان عن أبي الهيثم (وهو سليمان بن عمرو العتواري) عن أبي سعيد رضي اللَّه عنه. ودراج قال عنه الحافظ في "التقريب": صدوق وفي حديثه عن أبي الهيثم ضعف.
(٢) في (أ): "صف مخصوص". وعبارة "اللطائف": (وكلّ واحد منهم واقف فى صفته، فلصاحب كلّ موقف منهم وصف مخصوص).
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ١٤).
(٤) "لأنه جنس" ليس في (أ) و (ف).