للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتجشَّم على حملها الأسفار، وخاف عليها الضَّيَاع بالغيبة عنها، وتجارةٍ قائمة يرجو حصولَ أرباحها، ومنازلَ قائمةٍ (١) عامرةٍ نَزْهةٍ (٢) مألوفةٍ يَتحصَّن فيها من أذى البرد والحر، وأَعدَّ فيها مواضع للشتاء والصيف، حجةً في مخالفةِ ما أمر اللَّه تعالى من الهجرة وجهادِ الكفار، وأَخبر أنَّ مَن آثرَ طاعة الشيطان على طاعة الرحمن فليستعدَّ لنزول أمر اللَّه، فإنه ينزل به ما لا مَدفع له ولا اعتصام منه بنصرةِ قرابةٍ أو عشيرةٍ، ولا يتحصَّن بمساكنَ حَريزة، وليعلم أن اللَّه لا يُرشد الفاسقين المستخفِّين بدِينه إلى صوابٍ في تدبيره، ولا يهديهم إلى طريق رضوانه ورحمته ما داموا (٣) على اختيارِ مخالفته.

وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: مَن نَفَقتْ أسواقُ دينه (٤) كسدت أسواق حظوظه، وما لم تَخلُ منك منازل الحظوظ لا تَعْمُر بك مشاهدُ الحقوق (٥).

* * *

(٢٥) - {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}.

وقوله تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ}: قال قتادة: هو وادٍ بين مكة والطائف (٦).


(١) "قائمة" ليست في (أ) و (ف).
(٢) بسكون الزاي وتكسر؛ أي: بعيدة عن ذِبَّان القُرى وومَد البحار وفساد الهواء. انظر: "القاموس" (مادة: نزه).
(٣) في (ف): "كانوا".
(٤) في (ف): "من نفقت سوق ذنبه" وفي مطبوع "اللطائف": (من كسدت سوق دينه).
(٥) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ١٨).
(٦) رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٣٨٧)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٧٧٢).