للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن ذكرتَ بعدَه اسمين ففيه أربعةُ أوجهٍ: رفعُهما وتنوينُهما، وفتحُهما بغيرِ تنوينٍ، ورفعُ أوَّلهما وتنوينُه مع فتحِ الآخِر بغيرِ تنوينٍ، وفتحُ أولهما بغيرِ تنوينٍ مع رفعِ الآخِر وتنوينه. ويُستوضَحُ (١) ذلك في قولهم: لا حول ولا قوة إلا باللَّه.

ثم معنى قوله: {لَا رَيْبَ فِيهِ}؛ أي: لا شكَّ في كونه ذلك الكتابَ الموعودَ.

وقيل: أي: لا شكَّ في كونه هدًى.

وقيل: أي: لا شكَّ في المذكورات فيه، فهي مبيَّنةٌ وغيرُ مبهَمةٍ (٢).

فإن قالوا: إن الكفارَ شكُّوا فيه فلم يُقِرُّوا بكتاب اللَّه تعالى، والمبتدِعون من أهل القِبلة شكُّوا في معاني متشابهاتهِ (٣) فأَجْرَوها على ظوَاهرها وضلُّوا بها، والعلماءُ شكُّوا في وجوههِ، فلم يَقطعوا القولَ على وجهٍ منها، والعوامُّ شكُّوا فيه فلم يفهموا معانيَه، فما معنى نفيِ الريب عنه؟

فله ثلاثةُ أجوبةٍ:

أحدها: أن هذا نفيُ الرَّيب عن الكتاب لا عن الناس، والكتابُ موصوفٌ بأنه لا يَتمكَّنُ فيه ريحب فهو حقٌّ صدق مفهومٌ معلوم شكَّ الناسُ فيه أو لم يشكُّوا؛ كالصدقِ صدقٌ في نفسه وإن وصفَه الناس بالكذب، والكذبُ كذبٌ وإنْ وصفه الناس بالصدق، فكذا الكتابُ ليس مما يلحقُه ريبٌ أو يَتمكنُ فيه عيبٌ.

والثاني: أن هذا نفيُ الريب عن المقتبِسين منه (٤) بعد إمعانِ النظرِ وإجالةِ الفِكَرِ،


(١) في (ف): "وسنوضح".
(٢) في (ف): "مثبتة غير متهمة" بدل من "مبينة وغير مبهمة".
(٣) في (ر) و (ف): "متشابهه".
(٤) في (ر): "المقيس منه"، وفي (ف): "المقتبس".