للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ}: فعددُ السِّنين: معرفةُ الشُّهور وتمام السَّنة، والحساب: هو الآجالُ والمواقيْتُ المقدَّرة بالشُّهور والسِّنين.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: بالشَّمس تُعرَفُ أوقاتُ الصَّلوات في الشِّتاء والصَّيف والرَّبيع والخريف، ولا يُعرَفُ ذلك بالقمر، وبالقمر تُعرَف الشُّهور والسِّنون، ولا يُعرَف ذلك بالشَّمس.

وفي مصحف حفصة رضي اللَّه عنها: (وقدَّرهما منازلَ) (١).

وقوله تعالى: {مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ} قال أبو بكر الأصم الكيساني (٢): [أي]: ما خلقَ اللَّهُ ذلك إلَّا وقد جعلَ فيه دلالة معرفتِه.

وقال الإمام الزاهد أبو منصور رحمه اللَّه: قال قائلون: ما خلقَ اللَّهُ ذلك إلَّا وقدْ جعلَ فيه الشَّهادة له على الخلْقِ، وهو شهادةُ الوحدانيَّة والألوهيَّة.

وقال بعضهم ما خلق اللَّه ذلك إلَّا للأمر الكائن لا محالة، وهو البَعْثُ.

ويحتمل: ما خلق اللَّه ذلك إلَّا بالحكمة، لم يخلق ذلك عبثًا باطلًا، وهو كقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا} [ص: ٢٧] (٣).


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ١١). ووقع في (أ): "وقدرها منازل"، وفي (ف): "وقدرناها منازل"، وكلاهما مخالف للمصدر المذكور.
(٢) قوله: "قال أبو بكر الكسائي" كذا في (أ) و (ر)، وليست في (ف)، وفي مطبوع "التأويلات": "قال أبو بكر الأصم والكيساني"، ولعل الصواب ما أثبتناه، وقد أكثر الماتريدي من النقل عن أبي بكر الكيساني، وهو خيران بن العلاء، أبو بكر الكلبي الكيساني الأصم من أهل دمشق، روى عن الأوزاعي وزهير بن محمد وحماد بن سلمة روى عنه ابنه عمرو بن خيران وأبو عمرو الأوزاعي وهو شيخه، وغيرهما. انظر: "تاريخ دمشق" (١٧/ ٧٣).
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ١١).