للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}: قرأ أبو عَمرو بياء المغايبة، بناء على قوله: {مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ} [يونس: ٥] (١)، وقرأ الباقون بالنُّون بناءً على قوله: {أَنْ أَوْحَيْنَا}.

ومعنى قوله: {نُفَصِّلُ}؛ أي: نبيِّن العلامات التي يُستدلُّ بها على الحقِّ.

وخصَّ العالمين بذلك لأنَّهم هم المنتفِعونَ (٢) بها.

* * *

(٦) - {إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ}.

وقوله تعالى: {إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ}: قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: قال أهلُ مكَّة: ائتنا بآيةٍ حتَّى نؤمنَ لك، فنزلت هذه الآية (٣).

أي: فيما يتعلَّق بما خلقْنا مِن الشَّمس والقمر -مِن اختلافِ اللَّيل والنَّهار لأوقاتٍ معلومةٍ على نسقٍ واحدٍ- لآياتٌ؛ لأنَّ في ذلك بقاءَ الدُّنيا إلى حين، وتدبيرَ معايشِ أهلِها، فمَن تدبَّر ذلك علم أنَّ الدُّنيا مخلوقةٌ لمكثِ الخَلْقِ فيها، وخالقُهم لم يهملْهُم، بل جعلَها لهم دارَ عملٍ، فلا بُدَّ مِن أمرٍ ونهيٍ، ثمَّ جزاءٍ ليُفرَّق بينَ المطيع والعاصي، فمَن تدَّبر هذا اتَّقى العاقبةَ وما فيها للعاصي مِن العقوبة، فكان الانتفاع بالآيات للمتقين فلذلك أضيفَتْ إليهم.


(١) وقرأ بالياء أيضًا ابن كثير وحفص. انظر: "السبعة" (ص: ٣٢٣)، و"التيسير" (ص: ١٢١).
(٢) في (ر): "المتفوِّهون".
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٢٠).