للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ عاصم (١): {يَهِدِّي} بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدَّال إتباعًا لكسرة الدَّال بعد الهاء.

وعن عاصم في رواية أبي بكر بكسر الياء لانكسار الهاء؛ لتتَّفق الحركات.

وقرأ حمزة والكسائيُّ: {يَهْدِي} بإسكان الهاء وتخفيف الدَّال على الأصل الثلاثي (٢).

وأمَّا معناه: فقد قال عطاء: إنَّ محمَّدًا دعا قومَه إلى الحقِّ والرَّشاد، وهو أحقُّ أنْ يُتبعَ ممَّن لا يدعو إلى الحقِّ ولا يهتدي إلَّا أنْ يُهْدَى (٣).

وقال الحسنُ: {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ} وذلك هو اللَّه تعالى {أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ}؛ أي: يُعمَلُ بأمرِه {أَمَّنْ لَا يَهِدِّي} إلى خير؛ أي: هو جمادٌ لا يعرفُ هدًى مِن ضلالٍ، ولا خيرًا مِن شرٍّ، ولا نفعًا مِن ضُرٍّ (٤).

وقوله: {إِلَّا أَنْ يُهْدَى} قيل: هو استثناءٌ منقطع، ومعناه: لكنَّه يُهْدَى؛ أي: يُحْمَلُ ويُنْقَلُ مِن مكانٍ إلى مكانٍ، والهديةُ: ما تُنْقَلُ وتُحْمَلُ مِن مكانٍ إلى مكانٍ، والهَدْيُ: ما يُنْقَلُ إلى الحرم، وهَدَى العروسَ: نقلَها إلى بيتِ زوجِها.

أي: هو لا يستطيعُ أنْ ينتقلَ بنفسِه، فكيفَ يهدِي غيره؟

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: ويحتمل: إلَّا أنْ يُنطقَه اللَّهُ في القيامةِ، ويهديَه إلى القولِ بالحقِّ، كما تقدَّم ذكرُه في قوله: {مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ} [يونس: ٢٨]، {إِنْ


(١) في رواية حفص.
(٢) انظر جميع ما ذكر من قراءات في "السبعة في القراءات" (ص: ٣٢٦)، و"التيسير" (ص: ١٢٢).
(٣) ذكر نحوه ابن زنجلة في "حجة القراءات" (ص: ٣٣٢) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٤) ذكره الواحدي في "البسيط" (١١/ ١٩٣).