كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ} [يونس: ٢٩]، فإذا فعل اللَّه تعالى بهم ذلك صاروا كذلك، ويكون معناه:{إِلَّا أَنْ يُهْدَى}؛ أي: يجعلَهم اللَّهُ بحيث يهتدون إذا هُدُوا، ويجيبون إذا دُعوا (١).
وقوله تعالى:{فَمَا لَكُمْ}: استفهامٌ بمعنى التَّوبيخ {كَيْفَ تَحْكُمُونَ}: كذلك.
وقيل: معناه: كيف تقضون بالجَوْر، وصَرْف العبادة والشُّكر إلى مَن لا يملكُ شيئًا.
وقوله تعالى:{وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا}: أخبرَ بالسَّبب الَّذي صاروا به إلى الضَّلال، فقالَ:{وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا}؛ أي: بغير دليل، نحو اقتدائِهم بأسلافِهم ظنًّا منهم أنَّهم مصيبون.
وقوله تعالى:{إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}: لا ينفعُ في معرفةِ الحقِّ نفعًا مّا؛ أي: لا يدلُّ عليه، ولا يوجبه.
وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}: مِن الشِّرك، واتِّباع الظَّنِّ، وترك الحقِّ، فهو يجازيهم على ذلك، وهو وعيدٌ لهم.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: قال بعضُهم: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا}: هم كبراؤهم، يقولون:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر: ٣]، وقولهم:{هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}[يونس: ١٨].