للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ}: قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: أي: على كلِّ النَّاس بما ساقَ إلى الكلِّ مِن الرِّزق، كافرهم ومؤمنهم، وبما أخَّر عنهم العذابَ، وبما بعثَ إليهم الرُّسل والكتب من غير أن كانت منهم سابقةُ صنعٍ يستوجبون به ذلك، ومنه خصوص فضلِ اللَّه على المؤمنين (١).

{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} فضلَه وإنعامَه عليهم؛ لجهلهم بمواقع النِّعم الَّتي ساقَها إليهم.

* * *

(٦١) - {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}.

وقوله تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ}: واتِّصالُه بما قبلَه: إنَّ اللَّه لذو فضل على النَّاس في الإمهال، وليس إمهالُه لخفاء أحوالهم عليه؛ لأنَّك يا محمَّد ما تكون في شأن؛ أي: أمر {وَمَا تَتْلُو مِنْهُ}؛ أي: وما تقرأ ممَّا أنزلَ عليك {مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ}؛ أي: ولا تعمل أنت شيئًا وسائر النَّاس {مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا}: عالميْنَ به شاهدين عليه.

وقوله تعالى: {إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ}؛ أي: تسرعون فيه وتنبسطون وتنتشرون.

{وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ}: قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: لا يغيب (٢).

وقرأ الكسائيُّ بكسر الزِّاي وغيره بالضَّم (٣)، وهما لغتان.


(١) المصدر السابق، الموضع نفسه.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ٢٠٨)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٩٦٣).
(٣) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٣٢٨)، و"التيسير" للداني (ص: ١٢٣).