للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الحسنُ: هي ما بشَّرَ اللَّهُ به المؤمنين في كتابه (١)، {وَفِي الْآخِرَةِ} قوله تعالى: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ} [التوبة: ٢١].

وقوله تعالى: {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ}: أي: لمواعيدِه في كُتُبِه، وعلى ألسنةِ رسلِه.

وقيل: لهذه البشارة.

وقيل: لِمَا مَضى مِن سُنَّته في الأوَّلين مِن الإهلاك والاستئصال للمكذِّبين.

وقيل: لحُجَجِ اللَّهِ وبراهينِه.

وقوله تعالى: {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}؛ أي: ذلك التَّبشير.

وقيل: أي: ذلك الموعود هو الفلاح العظيم؛ لأنَّه نَيْلُ جميعِ ما يُرْجى، والأمنُ مِن كلِّ ما يُخْشَى.

وقال القشيريُّ رحمه اللَّه: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} إذا قاموا بما به أُمِروا، واستقاموا في ترك ما عنه زُجِروا، وبشَّرتهم الشَّريعة بالخروج عن عُهدة الإلزام، وبشَّرتهم الحقيقة باستيجابِ الإكرام بما كوشفوا به مِن أعلام هذه البُشرى في عاجلِهم، وأمَّا في آجلهم فالحقُّ يتولَّى ذلك، قال تعالى: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ} [التوبة: ٢١].

قال: ويُقال: البِشارة العظمى: ما يجدونه في قلوبهم مِن ظفرهم بنفوسهم، وسقوط مآربهم، والرِّضا بالكائن بتقدير ربِّهم، هذه هي النِّعمة العظمى، ووجدانُ هذه الحالة هي البشارةُ الكُبْرى (٢).


(١) ذكره الواحدي في "الوسيط" (٢/ ٥٥٣).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١٠٦).