للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {أَسِحْرٌ هَذَا}: وهو بلفظ الاستفهام، وقد ذَكَرَ عنهم أنَّهم قطَعوا القول به حيث قالوا: {إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ} [يونس: ٧٦].

فيجوز أن يكونوا قطَعوا القول به مرَّة، وكذلك بلفظ الاستفهام على وجه الإنكار مرَّة، يعني: أتأتينا بهذا على مقابَلةِ سِحرنا مع كثرته وتقدُّمنا في صنعته؟! فذكرَ اللَّهُ تعالى ما ذكروا في الحالَتَيْنِ جميعًا.

ويجوز أن يكون معناه: {أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ} وتمَّ الكلام؛ أي: أتقولون هذا للحقِّ لَمَّا جاءكم، ثمَّ قال: {أَسِحْرٌ هَذَا}، وهو استفهامٌ بمعنى التوبيخ، وتعجيبٌ مِن قولِهم، وليس بحكايةٍ لقولِهم.

وقوله تعالى: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ}: أي: لا يفوزون في الدُّنيا ولا في الآخرة.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: الفلاحُ: الظَّفرُ بالحاجةِ والغَلَبةُ، والسِّحرُ باطلٌ، فيكون مغلوبًا والحقُّ غالبٌ.

ويحتمل: والسَّاحرون في الدُّنيا لا يفلحون في الآخرة.

ويحتمل أن يكون معناه: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ} بسحرهم في حال سحرِهم، وكذا: {لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [الأنعام: ٢١] و {لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: ١١٧]، فإذا تَرَكُوا ذلك أفلَحُوا (١).

* * *

(٧٨) - {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ}.


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٧٣).