للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً}: أي: لتكونَ لِمَنْ بقيَ مِن بعدِكَ علامةً، فتزولَ وساوسُ الشَّيطان وخُدَعُه عن الضَّعَفة بتوهُّمِهم حياتَه أو خلاصَه عن الهلاك؛ إذ كانَ عندَهم إلهًا معبودًا، وتكون آيةً يستدلُّون بك على ما يلزمُهم مِن الانقيادِ للأنبياء، والإجابةِ لدعوتِهم، وإلَّا حَلَّ بهم ما حلَّ به.

وقوله تعالى: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ}: أي: فعلْنا ذلكَ بفرعونَ مع تكبُّرِه وإسرافِه ودعواه الإلهيَّةَ، فنحنُ على إهلاك هؤلاء المشركين الذين هم دونَه لقادرون، ولو فكَّروا لعلموا ذلك، لكنَّهم غافلون.

وقال السُّديُّ: قالَتْ بنو إسرائيل: إنَّ فرعونَ لم يغرقْ، وإنَّه يدركُنا الآنَ ويقتُلُنا، فأوحى اللَّهُ تعالى إلى البحرِ فقذَفَه، فأخذَ بنو إسرائيلَ أسلحتَهم (١).

وقال ابنُ عبَّاس رضي اللَّه عنهما: لم يكنِ الماءُ ينبذُ الغريقَ قبلَ فرعونَ، فلمَّا أغرقَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ فرعونَ أمرَ الماءَ بنَبْذِ الغريق (٢).

وذُكِرَ أنَّ في قراءة أبي حنيفة رضي اللَّه عنه: (فاليومَ نُنَحِّيكَ) بالحاء المهملة مِن تحتها (٣)، مِن التَّنحية، التَّبعيد، (ليدَيْكَ): تثنية اليدِ (٤)، (لتكونَ لمَنْ خلقَكَ)


(١) لم أجده هكذا، وروى ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٩٨٤) عن السدي: قوله: {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً}: لبني إسرائيل آية.
(٢) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٩٨٤)، وإسناده ضعيف.
(٣) نسبت لأبي بن كعب ومحمد بن السميفع ويزيد البربري. انظر: "المحتسب في شواذ القراءات" لابن جني (١/ ٣١٦). وذكره ابن الجزري في "النشر" (١/ ١٦) عن ابن السميفع وأبي السمال مثالًا على ما نقله غير الثقة، مما غالب إسناده ضعيف.
(٤) ذكرها ابن كمال باشا في "تفسيره" ولعله أخذها من المؤلف.