للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال القتبي: الخطابُ لغيرِه، وهو مَن شكَّ فيه.

قال: كان النَّاس على عهد النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أصنافًا:

منهم كافرٌ مكذِّب لا يرى إلَّا أنَّ ما جاءَ به باطل.

ومؤمنٌ مصدِّق يعلم أنَّ ما جاءَ به حقٌّ.

وشاكٌّ في الأمرِ لا يدري كيف هو؟ يقدِّم رجلًا، ويؤخِّر أخرى.

فخاطَبَ اللَّهُ تعالى هذا الصِّنفَ مِن النَّاسِ، فقالَ: إنْ كنْتَ أيُّها الشَّاكُّ في شَكٍّ ممَّا أنزلْنا إليك من الهدى على لسان محمَّد، فسَلِ الأكابرَ مِن أهلِ الكتاب والعلماء الَّذين يقرؤون الكتاب مِن قبلِكَ، مثل عبد اللَّه بن سلام وسلمان الفارسي وتميم الدَّاري وأشباههم، شهدوا على صدقِه، ولم يُرِدِ المعاندين منهم (١).

وقيل: خرجَ هذا الكلامُ مخرجَ المبالغةِ في شِبْهِه (٢)، وهو كقولِكَ لعبدِكَ: إنْ كنْتَ عبدي -وتعلَمُ أنَّه كذلك- فانتهِ إلى أمري، وإلَّا فأسألِ النَّاسَ يخبروك أنَّك عبدي، وهو لا يشكُّ في عبوديَّتِه لسيِّده (٣).


(١) انظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة (ص: ١٦٨)، وفي آخره تقديم وتأخير: (ولم يرد المعاندين منهم فيشهدون على صدقه).
(٢) في (أ): "في تثنيته"، وفي (ر): "في شبه"، وفي (ف): "تَبْييْنُه". ولعل المثبت هو الصواب؛ أي: فيما يشابهه من الكلام وأسلوب الخطاب، وعلى عادة العرب في مثله. انظر: "معاني القرآن" للفراء (١/ ٤٧٩) ولعله أول القائلين بهذا الوجه من التأويل، و"تفسير الثعلبي" (٥/ ١٤٩)، و"تفسير السمعاني" (٢/ ٤٠٤)، و"وغرائب التفسير وعجائب التأويل" لتاج القراء الكرماني (١/ ٤٩٤) وضعفه، و"تفسير البغوي" (٤/ ١٥٠).
(٣) ولم يرتض هذا بعض العلماء، فقد ضعفه تاج القراء الكرماني كما ذكرنا، ووجه تضعيفه ما قاله أبو العباس الرازي في "مباحث التفسير" (ص: ١٦٠) بقوله: لا وجه له؛ لأن قول القائل لعبده: إن كنت =