للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأكرَمْنا لهم المقام، وأتَحْنا لهم فنونَ الحسنات، وأدْرَرنا عليهم جميع الخيرات، فلمَّا قابلوا النِّعمةَ بالكفرانِ، وأصرُّوا على البغي والعُدوان، أذقناهم سوءَ العذاب، وسدَدْنا عليهم أبواب ما فتحْنا لهم مِن التَّكريم والإيجابِ، ذلك جزاءُ مَن حادَ عن طريقةِ الوِفاق، وجنحَ إلى جانبِ الشِّقاقِ (١).

* * *

(٩٤) - {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}.

وقوله تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ}: يقول: إنَّ قصَّة فرعون وموسى على ما اقتَصَصْتُه عليك، فإنْ كنْتَ شاكًّا فيه {فَاسْأَلِ} المؤمنين مِن أهل الكتاب عن ذلك {الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ}.

وقوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}: أي: مِن الشَّاكِّيْنَ.

وتكلَّمَ النَّاسُ في هذه الآية وأكثروا؛ لأنَّ ظاهرَها مشكِلٌ فإنَّ النَّبيَّ عليه الصلاة والسلام لم يكن يشكُّ فيما أُنْزِلَ عليه.

قال أكثرُ المفسِّرين: الخطابُ للنَّبي عليه الصلاة والسلام، والمرادُ غيرُه ممَّنْ شكَّ فيه، والعربُ تفعل كذلك، وفيه المثل السَّائر: إيَّاكِ أعني واسمعي يا جارة (٢). ومثله في القرآن: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب: ١]، ويدلُّ عليه قوله تعالى في آخر الآية: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: ٩٤] على الجمع.


(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١١٥).
(٢) انظر: "مجمع الأمثال" للميداني (١/ ٢٩).