للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: وفي الآيات نقضٌ على المعتزلة، فإنَّه قال: {وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} وهم يقولون: أرادَ اللَّهُ مِن الكافر الإيمانَ، وهو ردَّه فلم يؤمِن، وتسميتُه فضلًا يدلُّ على أنَّه ليس على اللَّه شيءٌ، فإنَّ الفَضْلَ هو فعلُ ما ليسَ عليه (١).

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي}؛ أي: إنْ كنْتُم في غطاءٍ مِن الذَّنب، فأنا في ضياءٍ مِن الغَيْب، أنتم في ظلمةِ الجهل، وأنا في شموس الفَضْل، أنتم في سُدفَةِ (٢) الضَّلالة، وأنا في خِلْعة الرِّسالة وعلى نور الدِّلالة، أنتم في وَهْدَة العوج، وأنا ثابتٌ على سواء النَّهج.

وقال في قوله تعالى: {وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ}: أي: وقيل لي: أخلصْ قصدَكَ للدِّين، وجرِّدْ قلبَكَ عن إثباتِ كلِّ ما لحقَه قهر التَّكوِيْن.

وقال في قوله عزَّ وجلَّ: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ} الآية: كما تفرَّد بإبداع الضُّرِّ واختراعِه فلا شريك يعضدُه، كذلك توحَّدَ بكشْفِ الضُّرِّ وصرفِهِ فلا نصير ينجدُه.

وقال: عَذُبَ الضُّرُّ حيث كان بفعلِه، فما أوجبَ عينَ الضُّرِّ منَ الحزنِ والحرَبِ (٣)، أبدلَ مكانَه إضا فتُه إلى فعلِه السُّرورَ والطَّرب (٤).

* * *


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٩٢).
(٢) في (ر): "شدفة". والسُّدفة: الظلمة، والشدفة بمعناها. انظر: "القاموس المحيط" (مادة: سدف وشدف).
(٣) الحَرَب: الغضب. انظر: "التاج" (مادة: حرب).
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١١٨ - ١١٩).