للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وروى أبو هريرة رضي اللَّه عنه عن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الصَّلواتُ كفَّارةُ الخطايا، فاقرؤوا إنْ شئْتُم: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} " (١).

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: قيل: الصَّلواتُ نفسُها تكفِّر الخطايا، وقيل: يَذْكرُ ما ارتكبَ من الذُّنوب فيندمُ عليها، فذلك المكفِّر (٢).

وقوله تعالى: {ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}؛ أي: عظةٌ للمتَّعظين.

وقيل: النَّهي عن الرُّكون إلى الَّذين ظلموا، والأمر بإقامة الصَّلاة، عظةٌ للذَّاكرين اللَّهَ بقلوبِهم وألسنتهم، فهم يذكرون فضلَه وعدلَه وثوابَه وعقابَه، فيرجعون ويخشعون فيتَّعظون ويستقيمون.

وقال ابنُ عبَّاس رضي اللَّه عنهما: نزلَتِ الآيةُ في أبي اليَسَر عَمرو بن غَزِيَّة الأنصاريِّ (٣)؛ وكان رجلًا يبيعُ التَّمر، فأتَتْهُ امرأةٌ تبتاعُ تمرًا، فراودَها عن نفسِها، ثمَّ ندم، وأتى النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه؛ إنِّي راودْتُ امرأةً عن نفسِها، ونلْتُ منها ما نالَ الرُّجلُ مِن امرأتِهِ إلَّا الجماع، فقال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "انتظِرْ ما يأمرني فيه ربِّي"، فحضرَتْ صلاةُ العصر، فصلَّى النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- العصرَ، فلمَّا فرغ أتاه جبريلُ بهذه الآية،


(١) رواه ابن المبارك في "الزهد" (٩٠٧)، ومن طريقه المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (٨١)، ورواه الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (١٨٩٨)، وابن عدي في "الكامل" (٢/ ١٠٤).
(٢) في (أ): "فذلك التكفير". وانظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ١٩٤)، وفيه: (فذلك يكفر).
(٣) قال ابن حجر في "الإصابة" (٤/ ٥٥٣): انفرد الكلبي بتسميته غزيّة بن عمرو. ووردت القصة لنبهان التمار، ولأبي اليسر كعب بن عمرو. وأغرب الثعلبي في تفسيره، فسمى أبا اليسر عمرو بن غزيّة، كأنه رأى القصة وردت لهما، فظنه واحدًا، فإن كان ضبَطَه حُمل على أن عمرو بن غزية كان يكنى أبا اليسر أيضًا، فيستدرك على مصنّفي المشتبه، فإنّهم لم يذكروا من الصحابة إلا أبا اليسر كعب بن عمرو.