للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٥) - {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

وقوله تعالى: {أُولَئِكَ}: أي: المذكورون قبله، وهم المتَّقون الموصوفون بالإيمان بالغيب وسائرِ الأوصاف المذكورة بعده، على قولِ مَن جَعَل {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ} صفةً للأولِينَ أو عطفًا عليهم، ويَتمُّ الكلامُ بقوله تعالى: {هُمْ يُوقِنُونَ}، ويكون {أُولَئِكَ} مبتدأً، وقولُه تعالى: {عَلَى هُدًى} خبرَ المبتدأ.

فأمَّا مَن جعل الواوَ للابتداء، فقولُه: {أُولَئِكَ} يكون (١) خبرَ ذلك المبتدأ، ويَرجعُ على الخصوص إلى المذكورِينَ في قوله عزَّ وجلَّ: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} الآية (٢).

وقوله تعالى: {عَلَى هُدًى}: أي: على رُشدٍ، وقيل: أي: بيانٍ وحجةٍ، وقيل: أي: صوابٍ وحقٍّ وصحةٍ، وهذا إثباتُ فعلِ العبد.

وقوله تعالى: {مِنْ رَبِّهِمْ}: هذا إثباتُ توفيقِ اللَّه تعالى، والأولُ ردٌّ على الجبريَّة، والثاني ردٌّ على المعتزلة، وهما جميعًا دليلُ أهل السنَّة والجماعة، وهو كقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.

والهدى: اسم الإسلام، واللَّه تعالى سمَّى الإسلامَ بأسماءٍ وأضاف كلَّ واحدٍ من ذلك إلى نفسه: هُدَى اللَّهِ، صِراطَ اللَّهِ، فِطْرَةَ اللَّهِ، صِبْغَةَ اللَّهِ، دِيْن اللَّهِ، نُورَ اللَّه، حَبل اللَّه، كلمة اللَّه، وآياتُها: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} [آل عمران: ٧٣] {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي} [الشورى: ٥٣] {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي} [الروم: ٣٠] {صِبْغَةَ اللَّهِ} [البقرة: ١٣٨] {يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر: ٢] {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ} [آل عمران: ١٠٣]


(١) "يكون": من (أ).
(٢) "الآية": ليست في (أ).