للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومن الشَّيب: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: ٣٧] فالشيبُ نذيرُ الموت، وبريدُ الموت، ورسولُ الموت، ورائدُ الموت، والمخبِرُ بمجيء الموت.

واختلفوا في الذين أُريدوا بهذه الآية:

قال الكلبيُّ رحمه اللَّه: هم رهطٌ من اليهود: كعب بنُ الأشرف وحييُّ بن أخطبَ وجديُّ بن أخطبَ وأبو ياسرِ بنُ أخطب -وليس بأخي حييٍّ- وشعبةُ بن عمرٍو، ومالك بن الصَّيف (١)، وأبو لُبابةَ، وقد مرَّت قصتُهم عند تفسيرنا {الم} بتطويلها، وتفسيرُهم المقطَّعات بتفصيلها.

وبنحوه قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أن الآية نزلت في شأن اليهود، منهم: كعب بن الأشرف وحييُّ بن أخطبَ ومالك بن الصَّيف وأبو لبابة، وكان مالكٌ رأسَ اليهود، وقد جادل النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يومًا، فقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هل وجَدْتَ في التوراةِ أن اللَّه تعالى يُبغض الحَبْرَ السَّمين؟ " قال: نعم، فقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنت منهم"، فغضب مالك وقال: ما أنزل اللَّه على بشر من شيء، فأنزل اللَّه هذه الآية: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} [الأنعام: ٩١] فقال اليهود لمالكٍ: ما حملك على هذا الإنكار؟ قال: إنه أغضبني، قالوا: كلما غضِبْتَ كفَرْتَ؟! فعزلوه عن الرِّئاسة وأقاموا كعبَ بن الأشرف مقامَه (٢). إلى أن بَعث رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رَهْطًا من الأنصار فقتلوه.


(١) في (ف): "الضيف".
(٢) ذكره عن ابن عباس الواحدي في "البسيط" (٨/ ٢٧٥)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٢/ ٨٢)، وهو من طريق أبي صالح عن ابن عباس كما صرح ابن الجوزي، وهذه في الغالب هي طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، والكلبي متروك. ورواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٣٩٣)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١٣٤٢)، والثعلبي في "تفسيره" (٤/ ١٦٨)، والبغوي في "تفسيره" =