للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقراءة التَّخفيف لها وجهان أيضًا:

وظنَّ القومُ أنَّهم -أي: القوم- كُذِبوا؛ أي: كَذَبَهُمُ الرُّسلُ فيما أخبروهم به مِن نصرِ اللَّه لهم وإهلاكِ أعدائِهم، وهو قولُ ابن عبَّاس وابن مسعود وسعيد بن جبير ومجاهد وابن زيد والضَّحاك (١).

وقريبٌ مِن هذا الوجه قولُ بعضهم: وظنَّ القومُ {أنَّهُمْ}؛ أي: الرُّسل {كُذِبوُا} بالتَّخفيف؛ أي: كذَبَهم مَن أخبرَهم مِن الملائكةِ ونحوهم عن اللَّه في وعد النَّصر على الكفَّار ونحو ذلك.

ووجهٌ آخر: وظنَّ الرُّسل -أي: أيقنوا- {أَنَّهُمْ}؛ أي: الرُّسل {كُذِبوُا}: كَذَبَهم مَن وَعَدَهم مِن قومِهم أنْ يؤمِنَ بهم، ويكونُ الكذبُ في معنى إخلاف الوعد، كما يُسمَّى إنجازُ الوعدِ صدقًا، قال اللَّه تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ} [آل عمران: ١٥٢]، وقال: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: ٢٣].

وقوله تعالى: {جَاءَهُمْ نَصْرُنَا}: يقولُ: لم نكنْ نعاجِلُ أممَ الرُّسلِ بالانتقام منهم على تكذيبِهم، بل كنَّا نمهلُهم حتَّى إذا وقعَ اليأسُ وضاقَتِ الأحوالُ أتاهم نصرُنا.

وقوله تعالى: {فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ}: قرأ عاصم وابن عامر: {فَنُجِّيَ} بنونٍ واحدةٍ وتشديدِ الجيم وفتح الياء على ما لم يُسَمَّ فاعلُه، مِن نَجاه ينجِّيه تنجيةً، أي: خلَّصه.

وقرأ أبو عمرو في روايةٍ: {فَنجى} بنون واحدة وتسكين الجيم على


(١) رواه عنهم الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٣٨٣ - ٣٩٠).