للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومنهم مَن قال: كُفَّ عن رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

فقال عليه السَّلام: "اللَّهمَّ اكفني عامرًا -أو: قني عامرًا-"، فانصرف أربد، فقال له عامر: ما منعَكَ مِن قتله؟ قال: كلَّما همَمْتُ بقتلِه رأيتُكَ بيني وبينَه. ثمَّ جاءَتْ صاعقة فأحرقَتْهُ، وجعلَتْهُ فحمًا (١).

وأمَّا عامرٌ فقد قيل: إنَّه دخلَ بيتَ امرأةٍ مِن بني سلول، وظهرت على ركبته غُدَّة، وهو يقول: غدَّةٌ كغدَّة البعير، وموتٌ في بيت سلوليَّة، فواللَّهِ ما قتلني إلَّا ربُّ محمَّد، وركبَ الفرسَ وبيده الرُّمح، وهو يقول: يا ملكَ الموتِ، تحاربني عن خفية، فاظهرْ لي وجاهرني بالمحاربة تَرَ بأسي، فما زالَ يطارد حتَّى يسقط عن فرسِه، ومات وصار إلى النَّار، ونزلَتِ فيه الآية (٢).

وقوله تعالى: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ}: أي: اللَّهُ شديدُ العقوبةِ (٣)، وقيل: قويُّ الكيدِ.

ولا يجوز في الابتداء وصفُ اللَّهِ به، ويجوز على وجهِ المجازاة كما مرَّ في المكر والخداع والاستهزاء، وهو مِن قولِكَ: مَحَلَ (٤) به إلى السُّلطان؛ أي: سعى به، وذكرَ عيوبَه حتَّى أوقَع به، ومنه في صفة القرآن: "هو شافعٌ مشفَّع وماحِلٌ مصدَّق" (٥).


(١) في (أ) و (ف): "حممًا".
(٢) تقدم تخريجه مستوفًى في هذه السورة عند قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا}، وأكثر الروايات على أن أربد يبست يده فلم ينفذ كيده برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم أقف على الرواية التي فيها أن يده شلت.
(٣) في (ف): "العقاب".
(٤) في (ر): "ماحل" وفي (ف): "حل".
(٥) رواه عبد الرزاق في "مصنفه" (٦٠١٠)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٠٠٥٤) عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه موقوفًا عليه. =