للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هو المنفرِد بالتَّخليق، فهو المتفرِّد (١) باستحقاق العبادة له.

وقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}: وقد أقررْتُم أنَّه لا خالقَ غيرُه، فلا يستحقُّ العبادةَ غيرُه.

وقوله تعالى: {وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}؛ أي: الواحدُ الَّذي لا ثانيَ له، ولا شريكَ له، وهو القهَّارُ الَّذي يقهرُ بقدرته كلَّ شيءٍ، ولم يقهرْهُ شيءٌ، وهو المستحِقُّ لتوجيه الرَّغبات إليه، والاستغناءِ به عن غيرِه.

* * *

(١٧) - {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ}.

وقوله تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} الآية: قال قتادةُ: هذه ثلاثةُ أمثالٍ في مثلٍ واحدٍ:

قوله: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} الصَّغير والكبيرُ، فشبَّه نزولَ القرآنِ بالماءِ ينزلُ مِن السَّماء، وشبَّه القلوبَ بالأوديةِ والأنهار، فذو العلم على قَدْر علمِه، وذو الجهل على قَدْر جهلِه، فهذا مَثَلٌ.

ثمَّ شبَّه وساوسَ الشَّيطان ومخايل النَّفس والخَطَرات الفاسدةَ بالزَّبَد يعلو الماء، وهو قوله تعالى: {فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا} (٢)، والرَّابي: العالي، فما يقعُ في النَّفس مِن الوهم والفضول فمِن ذاتِها لا من الحقِّ، يقولُ: فكما يذهبُ الزَّبدُ باطلًا


(١) "بالتخليق فهو المتفرد" ليس في (أ).
(٢) "وهو قوله تعالى فاحتمل السيل زبدًا رابيًا" من (ف).