للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٣٠) - {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ}.

وقوله تعالى: {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ}: أي: قد خلَتْ مِن قبلِكَ أممٌ أرسلنا إليهم كما أرسلنا إلى هذه الأمَّة.

قوله تعالى: {لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}: أي: لتقرأَ عليهم القرآنَ فيتدبَّروه، ويقفوا على إعجازِه، فيكونَ آيةً على صدقِكَ، إذْ هم في غايةِ الفصاحةِ والعلمِ بأصنافِ الكلامِ، فيستدلُّوا بعجزِهم عن الإتيان بسورةٍ مثلِه أنَّه مِن عندِ اللَّهِ، فيقفوا أيضًا على أقاصيصِ الماضِيْن ليتيقَّنوا (١) أنَّه مِن عندِ اللَّهِ تعالى.

وقوله تعالى: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ}؛ يعني: ممَّا تتلو عليهم مِن القرآنِ المعجزةِ (٢).

وقوله تعالى: {قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}: لا أكفرُ بِهِ كما تكفرون {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ}؛ أي: اعتمدْتُ {وَإِلَيْهِ مَتَابِ}؛ أي: مرجعي في الأمورِ كلِّها.

وقال مقاتلُ بنُ سليمانَ: نزلَتْ في صلح الحديبيةِ حينَ صالحَ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أهلَ مكَّة؛ منهم سُهَيلُ بنُ عَمرو، وذلك أنَّهم أرادوا أنْ يكتُبَ لهم رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كتابَ الصُّلح، فقالَ للكاتبِ: "اكتب: بسمِ اللَّهِ الرَّحمن الرَّحيم"، فقال سهيلٌ: ما نعرفُ الرَّحمن إلَّا صاحبَ اليمامةِ -يعني مسيلمة الكذَّاب- اكتبْ: باسمِكَ اللَّهمَّ، فكتبَ: باسمِكَ اللَّهمَّ (٣)، فأُنْزِلَتْ هذه الآيةُ (٤).


(١) في (أ): "فيعرفوا"؛ وفي (ت): "فيقروا".
(٢) في (أ): "من الطرف المعجز" بدل من "القرآن المعجزة".
(٣) "فكتب باسمك اللهم" ليس في (ف).
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٣٧٧ - ٣٧٨)، وعزاه الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٢٩١) لقتادة وابن جريج، =