للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذلِكَ مِن فِعْلِ اللَّهِ تعالى، والأمرُ كلُّه للَّهِ تعالى، يفعلُ ما يشاءُ، لا يمتنعُ عليه شيءٌ أرادَه، ولكن لا يفعل (١) على شهواتِ المقترحين.

وقوله: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا}: استفهامٌ بمعنى الأمرِ.

قال ابنُ عبَّاسٍ ومجاهدٌ والحسنُ وقتادةُ وابن زيدٍ وأبو عبيدةَ: يعني: أفلمْ يعلمْ، ومعناه: فلْيعلَمْ (٢).

قالَ سُحَيْمٌ:

أقولُ لهمْ بالشِّعْبِ إذْ ييسرونَني... ألمْ تَيْأَسُوا أنِّي ابنُ فارسِ زَهْدَمِ (٣)

وقيل: أفلمْ ينقطعْ طمعُهم مِن خلافِ هذا علمًا لصحَّتِه، والعلمُ بالشَّيءِ يوجِبُ اليأسَ مِن خلافِه.

وقيل: إنَّ طائفةً مِن المسلمين قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، أجبْ هؤلاءِ الكفَّارَ إلى ما سألوا، فعسى يؤمنون، فقال اللَّه تعالى: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى


(١) في (أ): "يعمل".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٥٣٧) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما وابن جريج ومجاهد وقتادة وابن زيد. وذكره السمرقندي في "تفسيره" (٢/ ٢٢٨) عن الحسن.
وذكره أبو عبيدة في "مجاز القرآن" (٣/ ١٤٩)، ثم قال: "والقول عندي -واللَّه أعلم- أن معناه: أفلم ييأس الذين آمنوا من إيمان هؤلاء الذين وصفهم اللَّه بأنهم لا يؤمنون لأنه قال: {لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا} ".
(٣) البيت لسحيم بن وثيل الرياحي. انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (١/ ٣٣٢)، و"المعاني الكبير" لابن قتيبة (٣/ ١١٤٨)، و"تفسير الطبري" (١٣/ ٥٣٥)، و"تفسير الثعلبي" (٥/ ٢٩٣).