للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٨٥) - {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}.

وقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ}: أي: هؤلاء المشركون المعرِضون عن التدبُّر في كتابك يتعنَّتونك في سؤالك وجوابك.

وقيل في نزول هذه الآية: إن النَّضْر بنَ كلَدةَ بنِ عبدِ مناف بنِ عبد الدار قال: يا معشر قريش، قد نزل بكم أمر ما تَقْدِرون قَدْرَه فانظروا في أمركم، فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا النضرَ بن الحارث (١) وعُقبةَ بنَ أبي معيطٍ وأبيَّ بن خلف إلى أحبار يهود بيثربَ: فأْتُوهم وسلُوهم عن محمد وأمره، فخرجوا حتى أتوا يهود بني قريظةَ والنضيرِ وقينقاع، ثم سألوهم عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فوجدوهم قومًا حُسَّدًا، فقالوا: اسألوا الرجل عن ثلاثة أشياء، فإن أخبركم عنهنَّ فإن الرجل مرسَل، وأن لم يفعل فالرجلُ (٢) متقوِّل، وقد أظلَّ زمانُ نبيٍّ، فاسألوه عن طوَّافٍ قد بلغ المشرق والمغرب قد كان له خبرٌ ونبأ وقَصَص، واسألوه عن الروح، فإن أخبركم عنه فإنه كاذب، وإن لم يخبركم عن الروح فهو كما قال، واسألوه عن أصحاب الكهف، فإن عجز عنها فهو متقوِّل، فخرجوا حتى انتهَوا إلى فدك فقالوا لهم مثلَ هذا سواءً، إلا أنهم قالوا: هذه صفتُه، ونجدُ مخرجه من بلادكم، ونجدُ مُهاجَرَه بيثرب، فرجع النفر إلى مكة، فلما قدموا على قريش قالوا: جئناكم نَفْصِل ما بينكم وبين محمد، قد أمرَنا أهلُ الكتاب الأوَّل أن نسأله عن أمور، فإن أخبرنا عنها فهو كما قال، وإنْ عجز عنها (٣) فهو متقوِّل، فمشت قريشٌ مع هؤلاء الرسل حتى وقفوا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو جالسٌ


(١) هو نفسه النضر بن كلدة المذكور في أول الخبر، فهو النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار. انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (٤/ ١٩٠٤).
(٢) في (ر) و (ف): "فإن الرجل".
(٣) "عنها" ليس من (أ).