للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأما النزول:

فقد رُوي أن عبدَ اللَّه بنَ أُبَيٍّ المنافقَ كان جالسًا مع أصحابه المنافقين على قارعة الطَّريق، إذ استقبله أصحابُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال عبد اللَّه لأصحابه: انظروا إلَيَّ وتَعَلَّموا مني كيف أردُّ هؤلاء السُّفهاءَ عنكم، فانظروا كيف أُكلِّمهم، فافعلوا كما أفعل، فقال لأبي بكرٍ الصدِّيقِ رضي اللَّه عنه وكان أولَ مَن لقيه: مرحبًا بسيد بني تَيْم بنِ مُرَّة، القويِّ في دين اللَّه، صاحبِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الأسفار، ثاني اثنين إذ هما (١) في الغار، الباذلِ نفسَه وبنتَه ومالَه لرسولِ اللَّه.

ثم استقبله عمرُ بنُ الخطاب رضي اللَّه عنه فقال: مرحبًا بسيد بني عَديِّ بن كعب بن مُرَّة، القويِّ في دين اللَّه، الشَّديدِ الغَضبِ على أعداء اللَّه، الباذلِ نفسَه وبنتَه وماله لرسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ثم استقبله عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضي اللَّه عنه فقال: مرحبًا بسيد بني هاشم ما خلا رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأن اللَّه جلَّ جلالُه اصطفاه وخَصَّه من بين خَلْقه بالنبوة.

فقال له عليٌّ رضي اللَّه عنه: اتَّقِ اللَّه ولا تُنافق، فإن المنافقين شرُّ خليقةِ اللَّه عزَّ وعلا في الأرض، فقال: يا أبا الحسن! لا تقُلْ هكذا، فواللَّه إنَّ إيمانَنا كإيمانكم، وتصديقَنا كتصديقكم، ونحن مؤمنون في السِّرِّ والعلانية.

ثم افترقوا، فقال عبدُ اللَّه بن أُبَيٍّ لعنه اللَّه: كيف رأيتم ردِّي هؤلاء عنكم؟ فقالوا: لا نزال بخيرٍ ما عشتَ فينا (٢).


(١) "إذ هما" ليس في (أ).
(٢) في (أ): "بيننا".