للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ليِّنان يَزلق عنهما كلُّ شيء، فبنى السد ثم سار فوجد يأجوجَ ومأجوجَ يقاتلون قومًا وجوهُهم كوجوه الكلاب، ثم قطَعهم فوجد أمةً [قصارًا] يقاتلون القوم الذين وجوههم كوجوه الكلاب، ثم قطَعهم فوجد قومًا (١) من الغرانيق يقاتلون القوم القصار، ثم قطعهم فوجد أمةً من الحيات تلتقم الحيةُ منها مثلَ الصخرة العظيمة، ثم أفضى إلى البحر المُديرِ بالأرض" فقالوا: نحن نشهد أن أمره كان كذا، وإنَّا نجد هذا مكتوبًا في كتبنا (٢).

وقال وهب: إن ذا القرنين نشأ في أدبٍ حسنٍ، وحِلمٍ ومروءة وعفَّةٍ، وكان يتخلَّق بمكارم الأخلاق، ويسمو لمعالي الأمور، وكان حلَم حُلمًا أنه دنا من الشمس وأخذ بقرنيها، وقصَّ رؤياه على قومه فسمَّوه ذا القرنين، وبهذه الرؤيا بعُدَتْ همته، وعلا صوته (٣)، وعزَّ في قومه، فألقى اللَّه تعالى عليه الهيبةَ، وحدَّث (٤) نفسه بالأشياء كلِّها، وكان أولَ ما أجمع عليه رأيه (٥) أنه أمر قومه فبنوا له مسجدًا طولُه أربعُ مئة ذراعٍ، وعرضُه مئتا ذراع، وعرض حائطه اثنان وعشرون ذراعًا، وطوله في السَّماء مئة ذراع، وأمرهم أن لا ينصبوا فيه سواري، فقالوا: كيف لك بخشب يبلغ ما بين


(١) في (ف): "أمة".
(٢) رواه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" (١/ ١٠٤)، والطبري في "تفسيره" (١٥/ ٣٦٨ - ٣٦٨)، والبيهقي في "الدلائل" (٦/ ٢٩٥ - ٢٩٦)، وأبو الشيخ في "العظمة" (٤/ ١٤٦٨). وهو حديث واهي السند كما قال ابن عطية في "المحرر الوجيز" (٣/ ٥٣٨).
(٣) في (ر): "صيته".
(٤) في (أ): "وجرب".
(٥) في (ر) و (ف): "أمره". ولفظ الرواية في "العظمة" هكذا: (فكان أول ما أجمع عليه رأيه الإِسلام، فأسلم فحسن إسلامه، ثم دعا قومه إلى أن يسلموا فأسلموا عنوة من عند آخرهم، ثم أمرهم فبنوا له مسجدًا قهرًا، فلم يجدوا بدًّا أن أجابوه. . .)، ثم ذكر طوله وعرضه كما سيأتي.