للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحائطين؟! فقال: اكبِسوه بالتراب إلى رؤوس الحوائط ووزعوا (١) على الموسِع قَدَرُه وعلى المقتِرِ قدَره من الذهب والفضة، ثم اقطعوا ذلك مثلَ قُلامة الظُّفر، واخلِطوه بذلك الكبس، واعملوا له جذوعًا من النحاس كلُّ جذعٍ مئتا ذراعٍ للهواء، وعلى الحائط من الجذوع اثنا عشر ذراعًا من جانب، ومثلُه من جانب، فإذا تم فقولوا للمساكين: أخرجوا التراب وما فيه من الذهب والفضة فهو لكم، ففعلوا وتم ذلك على أعجب الوجوه وأحسنِها.

وأوحى اللَّه تعالى إليه رسولًا: أني قد أرسلتُك إلى جميع الخلائق من مطلع الشمس إلى مغرِبها، فأثبت (٢) حجَّتي عليهم، وهذا تأويلُ رؤياك، وقد بعثتُك إلى جميع أهل الأرض، وهم سبع أمم: أمتان بينهما طول الأرض، وأمتان بينهما عرض الأرض كلُّه، وثلاثُ أمم في وسط الأرض مختلِطون وهم الإنس والجن ويأجوج ومأجوج، وأما اللتان بينهما طول الأرض فإنه عند مطلع الشمس إحداهما ناسِك، وأخرى بحيالها مَنْسك، وأما اللتان بينهما عرضُ الأرض فإنه في القطر الأيمن وهي هاويل، والأخرى في القطر الأيسر وهي تاويل، فقال: يا إلهي، إنك ندَبْتني لأمر عظيم لا يَقْدِر قَدْرَه غيرُك، فبأيِّ قوةٍ أكابدهم؟ وبأيِّ صبر أقاسيهم؟ وبأيِّ لسان أكلِّمهم؟ وكيف أفقهُ لغاتهم؟ وبأي حجةٍ أخصمُهم (٣)؟ وبأيِّ عقل أعقلُ عنهم؟ وبأيِّ حكمة أدبر أمرهم؟ وبأي معرفة أفصِل بينهم؟ وبأي علم أُحصيهم؟ وبأيِّ يد أسطو عليهم (٤)؟ فأوحى اللَّه تعالى إليه: أَنِّي سأطوِّقكَ ما حمَّلتُك، وأشرح لك


(١) في (أ): "وفرعوا"، وفي "العظمة": (فإذا فرغتم من ذلك فرضتم).
(٢) في (ر) و (ف): "فأنت".
(٣) في (أ) و (ر): "أخاصمهم".
(٤) في (ر): "أقدر عليهم" وسقطت من (ف)، والمثبت موافق لما في "العظمة".