للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل (١): يحتمل أنه كان نذر بشيء ووَفَّى به، فكان ذلك صدقَ وعده.

وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما أنه قال: واعَد إسماعيلُ قومًا في موضعٍ أن يلقَوه فيه، فأتى ذلك الموضع وأخلف القومُ، وأقام إسماعيل عليه السلام ثلاثًا في ذلك الموضع وما له طعام إلا لحاء الشجر وورقُه حتى تشقَّقت شفتاه، ثم جاء القوم، فأثنى اللَّه تعالى عليه بصدق الوعد (٢).

قوله تعالى: {وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا}: أي رسولًا إلى قومه يخبر من اللَّه تعالى.

* * *

(٥٥) - {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا}.

وقوله تعالى: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ}: أي: أمَّته، وقيل: أي: أهل بيته {بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ} وهذا يشتمِل على أمره إياهم بالعبادات البدنية والمالية جميعًا.

وقوله تعالى: {وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا}: وهذا أجلُّ صفاته (٣).

وفي قراءة ابن مسعود رضي اللَّه عثه: (وكان يأمر قومه) (٤)، فإن حُمل على أهل بيته فهو أهم (٥)، وقد قال اللَّه تعالى لنبيه عليه السلام: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِر


(١) في (ف): "وقد".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٥٦١) عن سهل بن عقيل بنحوه.
(٣) في (أ): "أوصافه".
(٤) ذكرها مقاتل في "تفسيره" (٢/ ٦٣١)، وابن عطية في "المحرر الوجيز" (٤/ ٢١).
(٥) لعله يريد التوفيق بين القراءتين بأن البدء بأهله قبل قومه أولى، ثم ينتقل لدعوة قومه وأمرهم بذلك، قال الزمخشري في "الكشاف" (٣/ ٢٣): (كان يبدأ بأهله في الأمر بالصلاح والعبادة ليجعلهم قدوة لمن وراءهم، ولأنهم أولى من سائر الناس: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}، {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ}، {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}، ألا ترى أنهم أحق بالتصدّق عليهم، فالإحسان الديني أولى).