للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفَلاة، فإذا كثُرَ هَدَمَ البُنيان، وأفسدَ الزَّرع، وقَلَعَ الأشجار، وشقَّ الأنهار، وسدَّ الطُّرق، وأغرق الناس.

وكذا المالُ القليل: تُكفَى به المُؤَن، وتُقام به المصالح، ويُتَزوَّد به للمَعاد، فإذا كثُرَ أوردَ الطُّغيان، ووَلَّدَ العِصيان، وأورث البغضاء والشَّنَآن، وأكثر الأعداء والحُسَّاد.

وقيل: إذا قلَّ الماءُ أجريتَه حيث شئتَ، وفيه الحياة والعمارة، وإذا كثُرَ جرى (١) حيث شاء، وفيه الخرابُ والإماتة، فكذا حالُ المال، وعلى هذا (٢) جميعُ الأمثال.

وقوله تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا}: أي: أشعل (٣) نارًا، يقال: وَقَدَتِ النارُ وُقودًا؛ أي: اشتَعَلت، وأَوقَدَها غيرُها واستو قَدَها؛ أي: أشعلَها، والوَقود بالفتح (٤): الحَطَب؛ لأنه به تُشعلُ النار، والوَقَد بفتح الواو والقاف: النار، ووَقْدَةُ الحَرِّ: شدَّتُه (٥).

والاستيقادُ هاهنا كالإيقاد (٦)، بمنزلة الاستيقان والإيقان، والاستخراجِ والإخراج، والاسترهابِ والإرهاب، وكذا قال الأخفش: إن معناه: كمثَل الذي أشعل (٧) نارًا بنفسه (٨).


(١) في (أ): "أجراك".
(٢) في (ر): "على" بدل "وعلى هذا".
(٣) في (أ) و (ف): "اشتعل"، وكلمة: "أي" ليست في (ر).
(٤) في (أ): "بفتح الواو".
(٥) في (ف): "شديده".
(٦) في (ر): "الإيقاد".
(٧) في (أ): "اشتعل".
(٨) انظر: "معاني القرآن" للأخفش (١/ ٥٣).