للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٨٥) - {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا}.

وقوله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا}: قيل: يتصل بقوله: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} {يَوْمَ نَحْشُرُ}؛ أي: نبعث {الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ}؛ أي: إلى جنات الرحمن، ويُطلق على البعث إلى دار الملِك اسمُ: البعث إلى الملك.

وبدأ الكلامَ بالإخبار عن نفسه بصيغة الجمع، ثم (١) المغايبةِ، وهو من أقسام البلاغة، وطريقُه طريقُ قول الأمير: نُنزلكم دارَ الأمير، يعني: دار (٢) نفسه، وهو كقوله تعالى: {مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: ١٠٠].

وقيل: {إِلَى الرَّحْمَن}؛ أي: إلى موقف الحساب، وفيه تيسير الحساب وتوفير الثواب.

{وَفْدًا}؛ أي: وافدِين، مصدرٌ يراد به نعتُ الجمع كالضيف والزَّور.

وقيل: الوفد جمع وافد؛ كالرَّكب جمع راكب.

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: {وَفْدًا}؛ أي: ركبانًا (٣)؛ فإنه من خصائص الوفود، قال: يؤتَون بنوقٍ لم يُر مثلُها عليها رحائلُ الذهب، وأزمَّتُها الزَّبَرْجدُ، فيركبون عليها حتى يضربوا أبوابَ الجنة (٤).


(١) بعدها في (أ): "ذكر".
(٢) "دار" من (أ).
(٣) في (ر): "ركبًا".
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٦٣٠) عن ابن عباس مختصرًا بلفظ: (ركبانًا). ورواه بتمامه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائده على "المسند" (١٣٣٣)، والطبري في "تفسيره" (١٥/ ٦٢٩)، والحاكم في "المستدرك" (٣٤٢٥)، من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن عليّ رضي اللَّه عنه. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم! وتعقبه الذهبي بقوله: بل عبد الرحمن لم يرو له مسلم ولا لخاله النعمان، وضعفوه.